الكنز الثمين
أئمة الدعوة السلفية هم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه
خامس عشر : أئمة الدعوة السلفية هم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثم قال الكاتب:
[الوهابية هم شر البرية، نظروا إلى حضرة الرسول نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم اسم> -عليه السلام-؛ حيث إنهم جردوه من كل مزاياه التي خصه الله بها: من محبة، ومنزلة، وكرامة، ووجاهة، وقالوا: إن المتوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كالمستشفع بالصنم رأس> سواء بسواء، لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر .. إلخ].
جوابه:
أن نقول: رسم> سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ قرآن> رسم> . فأئمة الدعوة هم أولى الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم- ينظرون إليه نظرة إكبار واحترام، فلا يصح عندهم الإيمان إلا بالشهادة له بالرسالة والنبوة، ويرون بطلان الصلاة بدون هذه الشهادة، ويعلنونها في الأذان، وفي الخطب، وفي الجمع والأعياد، وفي مؤلفاتهم، ويرون أن محبته مقدمة على النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين، وأن من آثار محبته حب سنته واتباعه والتأسي به، وأنه الواسطة بين الأمة وبين الله، فإنه الذي دعا إلى توحيد الله وعبادته، وهدى الله الأمة على يديه، وأوجب الله على الأمة طاعته وقرنها بطاعة الله في أكثر من أربعين موضعا ، وأمرنا باتباعه، وعلق عليه الاهتداء ومحبة الله ومغفرته، فهو أمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده.
أمر الله الأمة أن يتقبلوا كل ما بَلَغَهُ عن ربهم، ويقنعوا بحكمه، ويرضوا ويسلموا له تسليما، وأمرهم باحترامه في حياته، بقوله: رسم> لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ قرآن> رسم> . ومدح الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله، ونهاهم عن دعائه باسمه العلم بقوله: رسم> لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قرآن> رسم> . وأمر بتوقيره، بقوله: رسم> لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ قرآن> رسم> . فأئمة الدعوة الذين سماهم هذا الكاتب وهابية، يعترفون للرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الحقوق، وهذه الأوصاف ونحوها، ولكنهم لا يعطونه شيئا من حق الله: كالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والاستعانة، والإنابة، والتعظيم، والركوع، والسجود، ونحوها، فكلها حقوق لله تعالى، لا يصلح صرفها لغيره، لا لملك مقرب ولا نبي مرسل.
وأحب أن أنقل هنا أبياتا في تفصيل حق الله وحق رسوله - صلى الله عليه وسلم - من نونية ابن القيم اسم> قال -رحمه الله تعالى-
لله حـقٌّ لا يكـــون لغــــيره | و لعبده حق هما حقّـــــــان |
لا تجعلوا الحقّين حقّا واحــــدا | من غير تمييز ولا فرقـــــانِ |
فالحجُّ للرحمن دون رســــوله | و كذا الصلاة وذبحُ ذي القربـانِ |
و كذا السجودُ ونذرُنا ويمينُــنا | و كذا عتاب العبد من عصيـــانِ |
و كذا التوكل والإنابةُ والتقـــى | و كذا الرجاءُ وخشيةُ الرحمــنِ |
و كذا العبـادة واستعانتنــــا به | إياك نعبدُ ذاك توحيــــــدانِ |
وكذلك التسبيحُ والتكبيرُ والتــ | هليلُ حقُّ إلهنا الديـــــــانِ |
لكنما التعزير والتوقير حــــق | للرسولِ بمقتضى القـــــرآنِ |
والحب والإيمانُ والتصديــقُ لا | يختص بل حقّانِ مشتــــركانِ |
هذي تفاصيلُ الحقوق ثلاثـــــة | لا تجهلوها يا أولي العـــدوانِ |
حق الإلـه عبـادةٌ بالأمــــر لا | بهوى النفوسِ فذاك للشيطــانِ |
ورسولُه فهو المطاعُ وقوله الــ | مقبولُ إذ هو صاحب البرهــانِ |
وهو المقدم في محبتنا عـلى الــ | أهليـن والأزواجِ والولـــدانِ |
وانظر شرح هذه الأبيات في شرح قصيدة الإمام ابن القيم اسم> (2-348) للشيخ أحمد بن عيسى اسم> رحمه الله.
فأئمة الدعوة الذين اقتدوا بالسلف الصالح والأئمة يحبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل قلوبهم، ويعتقدون أن له عند الله الكرامة والرفعة، والمنزلة العالية، والوجاهة، والقرب من الله، ولكن مع هذه الخصائص لا يصح أن يصرف له شيء من حق الله تعالى، ولا يتوسل بذاته ولا بذات غيره من الخلق، وإنما يتوسل بمحبته واتباعه وتصديقه.
ولقد كذب هذا الكاتب في أنهم جعلوا المتوسِّل به كالمتوسل بالصنم، وأنه لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر، نعوذ بالله من البهت والزور والفجور.
وهكذا زعمه أنهم نظروا إليه نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم، فكيف احتقروه وهم يشهدون له بالرسالة، ووجوب الطاعة؟! ويرون أن الطرق مسدودة إلا من طريقه، وأن من قدم حكم غيره على حكمه فقد ضل سواء السبيل، فأين الاحتقار الذي زعمه هذا الكاتب؟! فليس مِنْ لازم محبته ووجاهته: دعاؤه مع الله، أو الاستغاثة به دون الله، فالله تعالى يقول: رسم> فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا قرآن> رسم> والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: رسم> إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله متن_ح> رسم> رواه أحمد اسم> والترمذي اسم> عن ابن عباس اسم> حديث> .
فهذا الكاتب وأمثاله عندهم أن من تمام محبته واعتقاد وجاهته أن يُعظَّم كتعظيم الله، فيُحلَف به من دون الله مع قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك متن_ح> رسم> أو يصرف له شيء من حق الله، أو يُعَتَقد في ذاته الشريفة أنه يملك الضر والنفع، أو يعلم الغيب، أو نحو ذلك ، فليس هذا من لوازم الإيمان برسالته، ولا من علامات محبته، وإنما هو من الغلو الذي نهى عنه بقوله -صلى الله عليه وسلم- رسم> وإياكم والغلو في الدين متن_ح> رسم> وبقوله: رسم> لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله متن_ح> رسم> .
مسألة>