الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
الكنز الثمين
93432 مشاهدة
أئمة الدعوة السلفية هم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه

خامس عشر : أئمة الدعوة السلفية هم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثم قال الكاتب:
[الوهابية هم شر البرية، نظروا إلى حضرة الرسول نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم -عليه السلام-؛ حيث إنهم جردوه من كل مزاياه التي خصه الله بها: من محبة، ومنزلة، وكرامة، ووجاهة، وقالوا: إن المتوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كالمستشفع بالصنم سواء بسواء، لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر .. إلخ].
جوابه:
أن نقول: سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ . فأئمة الدعوة هم أولى الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم- ينظرون إليه نظرة إكبار واحترام، فلا يصح عندهم الإيمان إلا بالشهادة له بالرسالة والنبوة، ويرون بطلان الصلاة بدون هذه الشهادة، ويعلنونها في الأذان، وفي الخطب، وفي الجمع والأعياد، وفي مؤلفاتهم، ويرون أن محبته مقدمة على النفس والأهل والمال والولد والناس أجمعين، وأن من آثار محبته حب سنته واتباعه والتأسي به، وأنه الواسطة بين الأمة وبين الله، فإنه الذي دعا إلى توحيد الله وعبادته، وهدى الله الأمة على يديه، وأوجب الله على الأمة طاعته وقرنها بطاعة الله في أكثر من أربعين موضعا ، وأمرنا باتباعه، وعلق عليه الاهتداء ومحبة الله ومغفرته، فهو أمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده.
أمر الله الأمة أن يتقبلوا كل ما بَلَغَهُ عن ربهم، ويقنعوا بحكمه، ويرضوا ويسلموا له تسليما، وأمرهم باحترامه في حياته، بقوله: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ . ومدح الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله، ونهاهم عن دعائه باسمه العلم بقوله: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا . وأمر بتوقيره، بقوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ . فأئمة الدعوة الذين سماهم هذا الكاتب وهابية، يعترفون للرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الحقوق، وهذه الأوصاف ونحوها، ولكنهم لا يعطونه شيئا من حق الله: كالدعاء، والخوف، والرجاء، والتوكل، والاستعانة، والإنابة، والتعظيم، والركوع، والسجود، ونحوها، فكلها حقوق لله تعالى، لا يصلح صرفها لغيره، لا لملك مقرب ولا نبي مرسل.
وأحب أن أنقل هنا أبياتا في تفصيل حق الله وحق رسوله - صلى الله عليه وسلم - من نونية ابن القيم قال -رحمه الله تعالى-
لله حـقٌّ لا يكـــون لغــــيره و لعبده حق هما حقّـــــــان
لا تجعلوا الحقّين حقّا واحــــدا من غير تمييز ولا فرقـــــانِ
فالحجُّ للرحمن دون رســــوله و كذا الصلاة وذبحُ ذي القربـانِ
و كذا السجودُ ونذرُنا ويمينُــنا و كذا عتاب العبد من عصيـــانِ
و كذا التوكل والإنابةُ والتقـــى و كذا الرجاءُ وخشيةُ الرحمــنِ
و كذا العبـادة واستعانتنــــا به إياك نعبدُ ذاك توحيــــــدانِ
وكذلك التسبيحُ والتكبيرُ والتــ هليلُ حقُّ إلهنا الديـــــــانِ
لكنما التعزير والتوقير حــــق للرسولِ بمقتضى القـــــرآنِ
والحب والإيمانُ والتصديــقُ لا يختص بل حقّانِ مشتــــركانِ
هذي تفاصيلُ الحقوق ثلاثـــــة لا تجهلوها يا أولي العـــدوانِ
حق الإلـه عبـادةٌ بالأمــــر لا بهوى النفوسِ فذاك للشيطــانِ
ورسولُه فهو المطاعُ وقوله الــ مقبولُ إذ هو صاحب البرهــانِ
وهو المقدم في محبتنا عـلى الــ أهليـن والأزواجِ والولـــدانِ

وانظر شرح هذه الأبيات في شرح قصيدة الإمام ابن القيم (2-348) للشيخ أحمد بن عيسى رحمه الله.
فأئمة الدعوة الذين اقتدوا بالسلف الصالح والأئمة يحبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل قلوبهم، ويعتقدون أن له عند الله الكرامة والرفعة، والمنزلة العالية، والوجاهة، والقرب من الله، ولكن مع هذه الخصائص لا يصح أن يصرف له شيء من حق الله تعالى، ولا يتوسل بذاته ولا بذات غيره من الخلق، وإنما يتوسل بمحبته واتباعه وتصديقه.
ولقد كذب هذا الكاتب في أنهم جعلوا المتوسِّل به كالمتوسل بالصنم، وأنه لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر، نعوذ بالله من البهت والزور والفجور.
وهكذا زعمه أنهم نظروا إليه نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم، فكيف احتقروه وهم يشهدون له بالرسالة، ووجوب الطاعة؟! ويرون أن الطرق مسدودة إلا من طريقه، وأن من قدم حكم غيره على حكمه فقد ضل سواء السبيل، فأين الاحتقار الذي زعمه هذا الكاتب؟! فليس مِنْ لازم محبته ووجاهته: دعاؤه مع الله، أو الاستغاثة به دون الله، فالله تعالى يقول: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس .
فهذا الكاتب وأمثاله عندهم أن من تمام محبته واعتقاد وجاهته أن يُعظَّم كتعظيم الله، فيُحلَف به من دون الله مع قوله -صلى الله عليه وسلم- من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك أو يصرف له شيء من حق الله، أو يُعَتَقد في ذاته الشريفة أنه يملك الضر والنفع، أو يعلم الغيب، أو نحو ذلك ، فليس هذا من لوازم الإيمان برسالته، ولا من علامات محبته، وإنما هو من الغلو الذي نهى عنه بقوله -صلى الله عليه وسلم- وإياكم والغلو في الدين وبقوله: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله .